"وطني الحبيب وهل أحب سواه"؟



شدا الراحل طلال مداح برائعته "وطني الحبيب" في سبعينات القرن المنصرم، وأصبحت هذه الأغنية أيقونة التغني بالوطن، وأخذت مكانا قصيا في القلوب، وأصبحت تتجدد يوما بعد يوم وترفض التقادم.
هذه الأغنية حملت من الرومانسية ما لم تحمله أغنيات الحب والاشتياق، وجاء لحنها هادئا منسابا، باستثناء جزئية "المارش العسكري" الذي تداخل مع الموسيقى بين الكوبليهات.
ثم أطلق ـ بعده بسنوات ـ محمد عبده أغنيته الرائعة "فوق هام السحب" التي أصبحت لاحقا أقرب ما تكون إلى النشيد الوطني. هذه الأغنية وضعت لتناسب حالة العشق والانتماء التي يستشعرها السعوديون تجاه الوطن في الثمانينات، وتحديدا في افتتاح إستاد الملك فهد 1986، فجاءت حماسية راقصة، وجابت العالم بشكل غير اعتيادي، فحضرت في كل محفل وأمسية بمناسبة وبدون مناسبة.
هاتان الأغنيتان، ومعهما رائعة أبوبكر سالم "يا بلادي واصلي" شكلت نموذجا للأغنية الملهمة في حب الوطن وعلاقة الإنسان بالتراب، وكانت تعمل في كل مرة، بشكل أو بآخر، على تكريس حب السعودي لوطنه بشكل عجيب واستثنائي. قد تكون ظروف المرحلة المختلفة تماما عما نحن فيه الآن، أسهمت في توغل هذه الأغنيات في ذاكرة الوطن والمواطن، لكن المؤكد أن هذه الأغنيات فيها من الإبداع الفني والموسيقي ما كفل لها البقاء والتخليد.
اليوم، وعلى رغم أن السعودي أصبح يحتفل رسميا بيومه الوطني ويخرج للشوارع رافعا الأعلام واللافتات، وهو ما لم يكن يحدث سابقا إلا في مناسبات الفوز في بطولات كرة القدم، خفت حس الأغنية الوطنية وتوارت العاطفة التي كانت تشكلها الموسيقى والكلمات الموجهة للوطن في قلوب الجماهير، وهنا ما يستوجب السؤال: هل المشكلة في صياغة الأغنية أم أنها في صياغة العلاقة مع الوطن؟


حسن الحارثي
صحيفة الوطن
8/11/ 1434